خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 28 من جمادى الآخرة 1447هـ الموافق 19 /12 / 2025م
كَفُّ الْأَذَى وَاحْتِمَالُهُ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، وَاعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُها.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ مِنْ مَحَاسِنِ شَرِيعَتِنَا الْغَرَّاءِ وَدِينِنَا الْحَنِيفِ؛ الْعِنَايَةَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَالْمَكَارِمِ وَالشِّيَمِ، وَالتَّأْكِيدَ عَلَى الْآدَابِ وَالْفَضَائِلِ وَالْقِيَمِ، إذْ هِيَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُقَوِّي أَوَاصِرَ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُعِينُ عَلَى بَقَاءِ جُسُورِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ رَتَّبَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ؛ فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلَ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ]، وَجَعَلَ الشَّارِعُ مَنْزِلَةَ الْمُتَخَلِّقِينَ بِأَخْلَاقِ الْكِرَامِ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَقَرِّبِينَ بِالْعِبَادَاتِ الْعِظَامِ، فَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ].
وَإِنَّ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْأَصِيلَةِ، وَالْآدَابِ الْمَرْعِيَّةِ الْجَمِيلَةِ: كَفَّ الْأَذَى عَنِ النَّاسِ، وَسَلَامَتَهُمْ مِنَ اللِّسَانِ وَالْيَدِ وَالظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»، وَحَذَّر اللَّهُ تَعَالَى مِنْ إِلْحَاقِ الْأَذَى بِالْمُؤْمِنِينَ، وَتَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: )وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا( [الأحزاب:58].
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ؛ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ؛ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ»، وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الكَعْبَةِ فَقَالَ: «مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ].
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:
إِنَّ التَّطَاوُلَ عَلَى النَّاسِ بِالْيَدِ أَوِ اللِّسَانِ: سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ النَّارِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، وَلَوْ كَانَ الْإِنْسَانُ مُجْتَهِدًا فِي صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَعِبَادَتِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ – أَيِ: القِطَعِ - مِنَ الأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ].
وَمَعَ انْتِشَارِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْيَوْمَ؛ كَثُرَ فِي النَّاسِ أَنْوَاعُ الْإِيذَاءِ، فَنَجِدُ مَنْ يَتَسَلَّطُ عَلَى إِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّخْرِيَةِ وَالِازْدِرَاءِ، أَوِ الطَّعْنِ وَالِافْتِرَاءِ، فَيَرْمِي إِخْوَانَهُ بِالْكَلَامِ الْقَبِيحِ، وَيَتَكَلَّمُ فِي أَعْرَاضِهِمْ بِالشَّتْمِ وَالْقَذْفِ الصَّرِيحِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُمَزِّقُ الْأُخُوَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ، وَيُفَرِّقُهَا، وَيَهْدِمُ بِنَاءَ الْمُجْتَمَعِ وَيُفَتِّتُ تَمَاسُكَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ) وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ( [الحجرات:11]، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ].
فَكَفُّ الْأَذَى عَنْ عِبَادِ اللَّهِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ، وَمَنْهَجٌ نَبَوِيٌّ، وَهُوَ حَسَنَةٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَصَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ».
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَن لَّا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ، مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
إِذَا كَانَ كَفُّ الْأَذَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَأَعْلَى مِنْهُ رُتْبَةً: احْتِمَالُ الْأَذَى مِنْهُمْ إذَا وَقَعَ، قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا حُسْنُ الْخُلُقِ؟ قَالَ: (هُوَ أَنْ تَحْتَمِلَ مَا يَكُونُ مِنَ النَّاسِ)، فَكَرِيمُ الْأَخْلَاقِ إذَا رَأَى مِنْ غَيْرِهِ الْأَذَى بِكَلِمَةٍ أَوْ فِعْلٍ، بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ؛ احْتَمَلَهُ، وَلَمْ يَرُدَّ الْإِسَاءَةَ بِالْإِسَاءَةِ، وَلَا الْإِيذَاءَ بِالْإِيذَاءِ، وَإِنَّمَا يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَيَتَجَاوَزُ وَيَحْلُمُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ) فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ( [الشورى:40]، وَقَالَ تَعَالَى فِي صِفَاتِ الْمُتَّقِينَ: ) وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( [آل عمران:134]، وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْبِتِينَ، قَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْمُخْبِتُون: الَّذِينَ لَا يَظْلِمُونَ، وَإِذَا ظُلِمُوا لَمْ يَنْتَصِرُوا)، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ؛ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ].
عِبَادَ اللَّهِ:
إِنَّ أَوْلَى مَنْ يَنْبَغِي لَكَ احْتِمَالُ أَذَاهُ: وَالِدَاكَ وَزَوْجُكَ، وَأَهْلُكَ وَجِيرَانُكَ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمُخَالَطَةِ سَبَبٌ لِوُقُوعِ الْأَذَى، وَالْكَرِيمُ مَنِ احْتَمَلَ أَذَى الْأَقْرَبِينَ وَصَفَحَ عَنْهُمْ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى، وَلَكِنَّ حُسْنَ الْجِوَارِ احْتِمَالُ الْأَذَى)، وَلَنَا فِي رَسُولِنَا الْكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ، مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
عِبَادَ اللهِ:
مَنْ فَقَدَ هَذَا الْخُلُقَ الْكَرِيمَ طَالَ حُزْنُهُ، وَتَأَذَّى قَلْبُهُ، وَكَثُرَ هَمُّهُ؛ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (مَنْ يُتْبِعْ نَفْسَهُ كُلَّ مَا يَرَى فِي النَّاسِ؛ يَطُلْ حُزْنُهُ، وَلَا يَشْفِ غَيْظَهُ).
فَاحْرِصُوا -عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَمَكَارِمِ الْآدَابِ، وَاحْتَمِلُوا مِنَ النَّاسِ أَذَاهُمْ وَعَثَرَاتِهِمْ، وَاعْفُوا وَاصْفَحُوا وَاغْفِرُوا، )وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ( [الشورى:43].
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْغُرَرِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْمَحْشَرِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، وَزَكِّ نُفُوسَنَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا؛ غَيْثًا مُغِيثًا تُحْيِي بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَتُذْهِبُ بِهِ عَطَشَ الْأَرْضِ وَظَمَأَ الْأَكْبَادِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُؤْمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية